الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **
وَالصَّلاَةُ جَائِزَةٌ فِي الْبِيَعِ، وَالْكَنَائِسِ، وَالْهَبَّارَاتِ وَالْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ النِّيرَانِ، وَبُيُوتِ الْبُدِّ وَالدُّيُورِ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُنَالِكَ مَا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ مِنْ دَمٍ، أَوْ خَمْرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، حَيْثُمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلاَةُ فَصَلِّ.
وَحْدُ دُنُوِّ الْمَرْءِ مِنْ سُتْرَتِهِ أَقْرَبُ ذَلِكَ قَدْرُ مَمَرِّ الشَّاةِ، وَأَبْعَدُهُ ثَلاَثَةُ أَذْرُعٍ لاَ يَحِلُّ لاَِحَدٍ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ بَعُدَ عَنْ سُتْرَتِهِ عَامِدًا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ وَهُوَ يَنْوِي أَنَّهَا سُتْرَتُهُ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِ أَنَّهَا سُتْرَةٌ لَهُ فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ. وَكُلُّ مَا مَرَّ أَمَامَهُ مِمَّا يَقْطَعُ الصَّلاَةَ وَالسُّتْرَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَوْ مِقْدَارُهَا نَوَى ذَلِكَ سُتْرَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ: فَصَلاَتُهُ تَامَّةٌ، وَسَوَاءٌ مَرَّ ذَلِكَ عَلَى السُّتْرَةِ أَوْ خَلْفَهَا وَحَدُّ مِقْدَارِ السُّتْرَةِ: ذِرَاعٌ فِي أَيِّ غِلَظٍ كَانَ وَمَنْ مَرَّ أَمَامَ الْمُصَلِّي وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ فَلاَ إثْمَ عَلَى الْمَارِّ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُصَلِّي دَفْعُهُ، فَإِنْ مَرَّ أَمَامَهُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ فَأَقَلَّ فَهُوَ آثِمٌ إلاَّ أَنْ تَكُونَ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي أَقَلَّ مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ، فَلاَ حَرَجِ عَلَى الْمَارِّ فِي الْمُرُورِ وَرَاءَهَا أَوْ عَلَيْهَا. بُرْهَانُ ذَلِكَ: مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالاَ: أَنَا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ صَفْوَانِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لاَ يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلاَتَهُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَصَارَ فَرْضًا عَلَى مَنْ صَلَّى إلَى سُتْرَةٍ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهَا، وَكَانَ مَنْ لَمْ يَدْنُ مِنْهَا إذَا صَلَّى إلَيْهَا غَيْرَ مُصَلٍّ كَمَا أُمِرَ، فَلاَ صَلاَةَ لَهُ فَإِذْ الدُّنُوُّ مِنْهَا فَرْضٌ فَلاَ بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِ الدُّنُوِّ الْمُفْتَرَضِ مِنْ خِلاَفِهِ، إذْ لاَ يُمْكِنُ أَنْ يَأْمُرَنَا عليه السلام بِأَمْرٍ يَلْزَمُنَا، ثُمَّ لاَ يُبَيِّنَهُ عَلَيْنَا، وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَهُ بِالْبَيَانِ عَلَيْنَا، وَالتَّبْلِيغِ إلَيْنَا، قَالَ تَعَالَى: وَقَالَ تَعَالَى: فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا: عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُفَ بْنِ نَامِي حَدَّثَنَا قَالَ: حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حدثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ هُوَ عَبْدُ الْعَزِيزِ، حدثنا أَبِي عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ: كَانَ بَيْنَ مُصَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَمَرُّ الشَّاةِ فَكَانَ هَذَا أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ مِنْ الدُّنُوِّ، إذْ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا فَمَانِعٌ مِنْ الرُّكُوعِ وَمِنْ السُّجُودِ إلاَّ بِتَقَهْقُرٍ، وَلاَ يَجُوزُ تَكَلُّفُ ذَلِكَ إلاَّ لِمَنْ لاَ يَقْدِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ وَجَدْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَبِيعٍ حَدَّثَنَا، قَالَ: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عن ابْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْكَعْبَةَ، هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلاَلٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، فَسَأَلْتُ بِلاَلاً حِينَ خَرَجَ: مَاذَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلاَثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ ثُمَّ صَلَّى، وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوًا مِنْ ثَلاَثَةِ أَذْرُعٍ. قَالَ عَلِيٌّ: لَمْ نَجِدْ فِي الْبُعْدِ عَنْ السُّتْرَةِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَكَانَ هَذَا حَدَّ الْبَيَانِ فِي أَقْصَى الْوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْبَرَاهِينَ فِيمَا خَلاَ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. وَقَدْ قَالَ بِهَذَا قَبْلَنَا طَائِفَةٌ مِنْ السَّلَفِ: رُوِّينَا عن ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: يُقَالُ: أَدْنَى مَا يَكْفِيك فِيمَا بَيْنَك وَبَيْنَ السَّارِيَةِ ثَلاَثَةُ أَذْرُعٍ. وَقَدْ صَلَّى عليه السلام إلَى الْحَرْبَةِ، وَالْعَنَزَةِ، وَالْبَعِيرِ، وَحَدُّ السُّتْرَةِ فِي ارْتِفَاعِهَا بِمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ. وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْخَطِّ شَيْءٌ، فَلاَ يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَمَنْ بَكَى فِي الصَّلاَةِ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ مِنْ هَمٍّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّ الْبُكَاءِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلاَ سُجُودَ سَهْوٍ، وَلاَ غَيْرَهُ، فَلَوْ تَعَمَّدَ الْبُكَاءَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلاَتُهُ: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ مُطَرِّفٍ، هُوَ ابْنُ الشِّخِّيرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي، وَلِجَوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ، يَعْنِي يَبْكِي. قَالَ عَلِيٌّ: هَكَذَا هُوَ التَّفْسِيرُ نَصًّا فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَأَمَّا غَلَبَةُ الْبُكَاءِ فَقَالَ تَعَالَى: وَقَالَ عليه السلام: إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ. وَأَمَّا تَعَمُّدُ الْبُكَاءِ فَعَمَلٌ لَمْ يَأْتِ بِإِبَاحَتِهِ نَصٌّ. وَقَالَ عليه السلام إنَّ فِي الصَّلاَةِ لَشُغْلاً. فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ عَمَلٍ فَهُوَ مُحَرَّمٌ فِي الصَّلاَةِ، إلاَّ عَمَلاً جَاءَ بِإِبَاحَتِهِ نَصٌّ، أَوْ إجْمَاعٌ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَلاَ تُجْزِئُ صَلاَةُ فَرْضٍ أَحَدًا مِنْ الرِّجَالِ: إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الأَذَانَ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلاَّ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ الإِمَامِ، فَإِنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ ذَلِكَ بِغَيْرِ عُذْرٍ بَطَلَتْ صَلاَتُهُ، فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لاَ يَسْمَعُ الأَذَانَ فَفَرْضٌ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي جَمَاعَةٍ مَعَ وَاحِدٍ إلَيْهِ فَصَاعِدًا، وَلاَ بُدَّ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إلاَّ أَنْ لاَ يَجِدَ أَحَدًا يُصَلِّيهَا مَعَهُ فَيُجْزِئَهُ حِينَئِذٍ، إلاَّ مَنْ لَهُ عُذْرٌ فَيُجْزِئَهُ حِينَئِذٍ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَى النِّسَاءِ، فَإِنْ حَضَرْنَهَا حِينَئِذٍ فَقَدْ أَحْسَنَّ، وَهُوَ أَفْضَلُ لَهُنَّ فَإِنْ اسْتَأْذَنَ الْحَرَائِرُ، أَوْ الإِمَاءُ بُعُولَتَهُنَّ أَوْ سَادَاتِهِنَّ فِي حُضُورِ الصَّلاَةِ فِي الْمَسْجِدِ: فَفَرْضٌ عَلَيْهِمْ الإِذْنُ لَهُنَّ، وَلاَ يَخْرُجْنَ إلاَّ تَفِلاَتٍ غَيْرَ مُتَطَيِّبَاتٍ، وَلاَ مُتَزَيِّنَاتٍ، فَإِنْ تَطَيَّبْنَ، أَوْ تَزَيَّنَّ لِذَلِكَ: فَلاَ صَلاَةَ لَهُنَّ، وَمَنْعُهُنَّ حِينَئِذٍ فَرْضٌ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَيَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ كُلُّهُمْ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الأَصَمِّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إلَى الْمَسْجِدِ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ، فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَأَجِبْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حدثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيِّ قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا. وبه إلى الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلَيْنِ أَتَيَاهُ يُرِيدَانِ السَّفَرَ: إذَا خَرَجْتُمَا فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا. وبه إلى الْبُخَارِيِّ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حدثنا وُهَيْبٍ، هُوَ ابْنُ خَالِدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَنَا وَقَدْ أَتَيْتُهُ فِي نَفَرٍ مِنْ قَوْمِي: إذَا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ. فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ. حدثنا أحمد بن قاسم حَدَّثَنِي أَبِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ حَدَّثَنِي جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي، حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يُجِبْ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إلاَّ مِنْ عُذْرٍ. حدثنا حمام بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا ابْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحْطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاَةِ فَيُؤَذَّنَ لَهَا، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ ثُمَّ أُخَالِفَ إلَى رِجَالٍ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ يَعْلَمُ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ يَجِدُ عَظْمًا سَمِينًا أَوْ مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ لَشَهِدَ الْعِشَاءَ. وَقَدْ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا. وَمِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ كُلُّهُمْ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مُسْنَدًا. وَلَيْسَ فِي ذِكْرِ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا الْمُتَوَعَّدُ عَلَى تَرْكِهَا دُونَ غَيْرِهَا، بَلْ هِيَ قَضِيَّتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ. وَأَيْضًا فَالْمُخَالِفُ مُوَافِقٌ لَنَا عَلَى أَنَّ حُكْمَ صَلاَةِ الْعِشَاءِ فِي وُجُوبِ حُضُورِهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلاَ فَرْقَ. وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُهِمُّ بِبَاطِلٍ، وَلاَ يَتَوَعَّدُ إلاَّ بِحَقٍّ. فإن قيل: فَلِمَ لَمْ يُحَرِّقْهَا قِيلَ: لاَِنَّهُمْ بَادَرُوا وَحَضَرُوا الْجَمَاعَةَ، لاَ يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ: حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا النُّفَيْلِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَبُو الْمَلِيحِ هُوَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ يَزِيدَ، هُوَ ابْنُ جَابِرٍ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ قَالَ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ فِتْيَتِي فَتَجْمَعَ حُزَمًا مِنْ حَطَبٍ، ثُمَّ آتِيَ قَوْمًا يُصَلُّونَ فِي بُيُوتِهِمْ لَيْسَتْ بِهِمْ عِلَّةٌ فَأُحَرِّقَهَا عَلَيْهِمْ. قَالَ يَزِيدُ: فَقُلْت لِيَزِيدَ بْنِ الأَصَمِّ: يَا أَبَا عَوْفٍ، الْجُمُعَةَ عَنَى أَوْ غَيْرَهَا قَالَ: صُمَّتَا أُذُنَايَ إنْ لَمْ أَكُنْ سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا ذَكَرَ جُمُعَةً، وَلاَ غَيْرَهَا ". قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ أَقْدَمَ قَوْمٌ عَلَى الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَارًا فَقَالَ: إنَّمَا عَنَى الْمُنَافِقِينَ وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ الْمُحَالِ الْبَحْتِ أَنْ يَكُونَ عليه السلام يُرِيدُ الْمُنَافِقِينَ فَلاَ يَذْكُرُهُمْ وَيَذْكُرُ تَارِكِي الصَّلاَةِ وَهُوَ لاَ يُرِيدُهُمْ. فَإِنْ ذَكَرُوا حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ كِلاَهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّ صَلاَةَ الْجَمَاعَةِ تَزِيدُ عَلَى صَلاَةِ الْمُنْفَرِدِ سَبْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. قلنا: هَذَانِ خَبَرَانِ صَحِيحَانِ، وَقَدْ صَحَّتْ الأَخْبَارُ الَّتِي صَدَّرْنَاهَا، وَثَبَتَ أَنَّهُ لاَ صَلاَةَ لِمُتَخَلِّفٍ عَنْ الْجَمَاعَةِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ مَعْذُورًا، فَوَجَبَ اسْتِعْمَالُ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى مَا قَدْ صَحَّ هُنَالِكَ، لاَ عَلَى التَّعَارُضِ وَالتَّنَاقُضِ الْمُبْعَدَيْنِ عَنْ كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَصَحَّ أَنَّ هَذَا التَّفَاضُلَ إنَّمَا هُوَ عَلَى صَلاَةِ الْمَعْذُورِ الَّتِي تَجُوزُ، وَهِيَ دُونَ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَضْلِ كَمَا أَخْبَرَ عليه السلام. وَمَنْ حَمَلَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلَى غَيْرِ مَا ذَكَرْنَا حَصَلَ عَلَى خِلاَفِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الأَحَادِيثِ الآُخَرِ، وَعَلَى تَكْذِيبِهِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ: أَنْ لاَ صَلاَةَ فِي غَيْرِ الْجَمَاعَةِ إلاَّ لِمَعْذُورٍ، وَاسْتَخَفَّ بِوَعِيدِهِ، وَعَصَى أَمْرَهُ عليه السلام فِي إجَابَةِ النِّدَاءِ. وَبِأَنْ يَؤُمَّ الاِثْنَيْنِ فَصَاعِدًا أَحَدُهُمَا، وَهَذَا عَظِيمٌ جِدًّا وَهَذَا الَّذِي قلنا: هُوَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَصَحَّ أَنَّهُ إنَّمَا عَنَى الْقَاعِدِينَ الْمَعْذُورِينَ الَّذِينَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ وَعْدِ اللَّهِ الْحُسْنَى وَالأَجْرُ، لاَ الَّذِينَ تُوُعِّدُوا بِالْعَذَابِ وَكَمَا أَخْبَرَ عليه السلام أَنَّ صَلاَةَ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاَةِ الْقَائِمِ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا مَعَنَا فِي أَنَّ الْمُصَلِّيَ قَاعِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لاَ أَجْرَ لَهُ، وَلاَ نَصِيبَ مِنْ الصَّلاَةِ.فَصَحَّ أَنَّ النِّسْبَةَ الْمَذْكُورَةَ مِنْ الْفَضْلِ إنَّمَا هِيَ بَيْنَ الْمُبَاحِ لَهُ الصَّلاَةُ قَاعِدًا لِعُذْرٍ مِنْ خَوْفٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ فِي نَافِلَةٍ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَخُصُّوا بِذَلِكَ النَّافِلَةَ فَقَطْ، سَأَلْنَاهُمْ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ، وَلاَ سَبِيلَ لَهُمْ إلَيْهِ، إلاَّ بِدَعْوَى فِي أَنَّ الْمَعْذُورَ فِي الْفَرِيضَةِ صَلاَتُهُ كَصَلاَةِ الْقَائِمِ، وَهَذِهِ دَعْوَى كَاذِبَةٌ مُخَالِفَةٌ لِعُمُومِ قَوْلِهِ عليه السلام: صَلاَةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاَةِ الْقَائِمِ دُونَ تَخْصِيصٍ مِنْهُ عليه السلام. وَأَيْضًا فَإِنَّ حُمَامَ بْنَ أَحْمَدَ حَدَّثَنَا قَالَ: حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا بَكْرُ بْنُ حَمَّادٍ، وَالْقَاضِي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبِرْتِيُّ: قَالَ الْقَاضِي الْبِرْتِيُّ: حدثنا أَبُو مَعْمَرٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو الرَّقِّيُّ، حدثنا عَبْدُ الْوَارِثِ: وَقَالَ بَكْرٌ: حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ التَّنُّورِيُّ ثُمَّ اتَّفَقَا عَنْ الْحُسَيْنِ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ: قَالَ الْقَاضِي الْبِرْتِيُّ فِي حَدِيثِهِ: إنَّ عِمْرَانَ بْنَ الْحُصَيْنِ حَدَّثَهُ وَكَانَ رَجُلاً مَبْسُورًا: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ عليه السلام: مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَخُصُومُنَا لاَ يُجِيزُونَ التَّنَفُّلَ بِالإِيمَاءِ لِلصَّحِيحِ، فَبَطَلَ تَأْوِيلُهُمْ جُمْلَةً وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ. وَلاَ شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ فَعَلَ الْخَيْرَ أَفْضَلُ مِنْ آخَرَ مَنَعَهُ الْعُذْرُ مِنْ فِعْلِهِ، وَهَذَا مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ: إنَّ الْفُقَرَاءَ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ذَهَبَ أَصْحَابُ الدُّثُورِ بِالآُجُورِ، فَعَلَّمَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِّكْرَ الَّذِي عَلَّمَهُمْ، فَبَلَغَ الأَغْنِيَاءَ فَفَعَلُوهُ زَائِدًا عَلَى مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ، فَذَكَرَ الْفُقَرَاءُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ. وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ مَنْ حَجَّ أَفْضَلُ مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ مِمَّنْ أَقْعَدَهُ الْعُذْرُ، وَهَكَذَا فِي سَائِرِ الأَعْمَالِ وَقَدْ جَاءَ فِي الأَثَرِ الصَّحِيحِ: مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا. فَعَمَّ عليه السلام مَنْ لَمْ يَعْمَلْهَا بِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ ذَكَرُوا الأَثَرَ الْوَارِدَ فِيمَنْ كَانَ لَهُ حِزْبٌ مِنْ اللَّيْلِ فَأَقْعَدَهُ عَنْهُ الْمَرَضُ أَوْ النَّوْمُ: كُتِبَ لَهُ قلنا: لاَ نُنْكِرُ تَخْصِيصَ مَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَخْصِيصَهُ إذَا وَرَدَ النَّصُّ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا نُنْكِرُهُ بِالرَّأْيِ وَالظَّنِّ وَالدَّعْوَى، وَقَدْ يُكْتَبُ لَهُ الْقِيَامُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ، وَيُضَاعَفُ الأَجْرُ لِلْقَائِمِ عَشَرَةَ أَمْثَالِ قِيَامِهِ، فَهَذَا مُمْكِنٌ مُوَافِقٌ لِسَائِرِ النُّصُوصِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. فَإِنْ ذَكَرُوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّ النَّاسَ فِي بَيْتِهِ وَهُوَ مُنْفَكُّ الْقَدَمِ وَفِي مَنْزِلِ أَنَسٍ. قلنا: نَعَمْ، وَهُوَ مَعْذُورٌ عليه السلام بِانْفِكَاكِ قَدَمِهِ، وَلاَ يَخْلُو الَّذِينَ مَعَهُ مِنْ أَنْ يَكُونُوا جَمِيعَ أَهْلِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّوْا هُنَالِكَ، فَهُنَالِكَ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ، وَهَذَا لاَ نُنْكِرُهُ، أَوْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ لَزِمَهُ الْكَوْنُ مَعَهُ عليه السلام لِضَرُورَةٍ، فَهَذَا عُذْرٌ، وَتَكُونُ إمَامَتُهُ فِي مَنْزِلِ أَنَسٍ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاَةِ فَرْضٍ، لَكِنْ تَطَوُّعًا وَكُلُّ هَذَا لاَ يُعَارَضُ بِهِ مَا ثَبَتَ مِنْ وُجُوبِ فَرْضِ الصَّلاَةِ فِي جَمَاعَةٍ، وَوُجُوبِ إجَابَةِ دَاعِي اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ". وقال الشافعي: هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذِهِ دَعْوَى بِلاَ بُرْهَانٍ، وَإِذْ أَقَرَّ بِأَنَّهَا فَرْضٌ، ثُمَّ ادَّعَى سُقُوطَ الْفَرْضِ لَمْ يُصَدَّقْ إلاَّ بِنَصٍّ وَقَدْ قَالَ: بِمِثْلِ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ: رُوِّينَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى إنْسَانًا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ فَقَالَ " أَمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عن ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ قَالَ: " حَافِظُوا عَلَى هَذِهِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهُنَّ إلاَّ مُنَافِقٌ بَيِّنُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ رَأَيْتنَا وَإِنَّ الرَّجُلَ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ وَمَا مِنْكُمْ أَحَدٌ إلاَّ لَهُ مَسْجِدٌ فِي بَيْتِهِ، وَلَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ وَتَرَكْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَكَفَرْتُمْ ". وَمِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ. وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يُجِبْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ وَعَنْ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْمَكْتُوبَةِ فِي بَيْتِهِ فَسَمِعَ الإِقَامَةَ فَخَرَجَ إلَيْهَا قَالَ عَلِيٌّ: لَوْ أَجْزَأَتْ ابْنَ عُمَرَ صَلاَتُهُ فِي مَنْزِلِهِ مَا قَطَعَهَا وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: لاََنْ يَمْتَلِئَ أُذُنَا ابْنِ آدَمَ رَصَاصًا مُذَابًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْمَعَ الْمُنَادِيَ فَلاَ يُجِيبُهُ وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَمْ يَأْتِهِ فَلَمْ يُرِدْ خَيْرًا وَلَمْ يُرَدْ بِهِ وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: حدثنا أَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ التَّيْمِيُّ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: لاَ صَلاَةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلاَّ فِي الْمَسْجِدِ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَنْ جَارُ الْمَسْجِدِ قَالَ: مَنْ سَمِعَ الأَذَانَ وَمِثْلُهُ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي حَيَّانَ الْمَذْكُورِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ. وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ سَمِعْت سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يُحَدِّثُ عن ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ، ثُمَّ لَمْ يَأْتِ فَلاَ صَلاَةَ لَهُ إلاَّ مِنْ عُذْرٍ. وَعَنْ عَطَاءٍ: لَيْسَ لاَِحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَضَرِ وَالْقَرْيَةِ يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَالإِقَامَةَ: رُخْصَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ الصَّلاَةَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَقُلْت لَهُ: وَإِنْ كَانَ عَلَى بَزٍّ يَبِيعُهُ يَفْرَقُ إنْ قَامَ عَنْهُ أَنْ يَضِيعَ قَالَ: لاَ، لاَ رُخْصَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ قُلْت: إنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ أَوْ رَمَدٌ غَيْرُ حَابِسٍ أَوْ تَشْتَكِي يَدُهُ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَكَلَّفَ، قُلْت لَهُ: أَرَأَيْت مَنْ لَمْ يَسْمَعْ النِّدَاءَ مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْمَسْجِدِ قَالَ: إنْ شَاءَ فَلْيَأْتِ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَجْلِسْ وَعَنْ عَطَاءٍ: كُنَّا نَسْمَعُ أَنَّهُ لاَ يَتَخَلَّفُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إلاَّ مُنَافِقٌ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ: أَنَّهُ كَانَ لاَ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الصَّلاَةِ فِي الْجَمَاعَةِ إلاَّ لِمَرِيضٍ أَوْ خَائِفٍ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ: إذَا سَمِعَ الرَّجُلُ الأَذَانَ فَقَدْ اُحْتُبِسَ وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ حَرْمَلَةَ قَالَ: كُنْت عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَسَأَلَهُ عَنْ بَعْضِ الأَمْرِ وَنَادَى الْمُنَادِي فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: قَدْ نُودِيَ بِالصَّلاَةِ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إنَّ أَصْحَابِي قَدْ مَضَوْا وَهَذِهِ رَاحِلَتِي بِالْبَابِ، فَقَالَ لَهُ سَعِيدٌ: لاَ تَخْرُجْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ إلاَّ مُنَافِقٌ، إلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ إلَى الصَّلاَةِ فَأَبَى الرَّجُلُ إلاَّ الْخُرُوجَ، فَقَالَ سَعِيدٌ: دُونَكُمْ الرَّجُلُ، قَالَ: فَإِنِّي عِنْدَهُ ذَاتَ يَوْمٍ إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ أَلَمْ تَرَ الرَّجُلَ يَعْنِي ذَلِكَ الَّذِي خَرَجَ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ قَالَ سَعِيدٌ: قَدْ ظَنَنْت أَنَّهُ سَيُصِيبُهُ أَمْرٌ. وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعِ أَصْحَابِنَا . وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ شُهُودَهُنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَ فَرْضًا وَقَدْ صَحَّ فِي الآثَارِ كَوْنُ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حُجَرِهِنَّ لاَ يَخْرُجْنَ إلَى الْمَسْجِدِ وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي أَيِّ الأَمْرَيْنِ أَفْضَلُ لَهُنَّ أَصَلاَتُهُنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ أَمْ فِي الْمَسَاجِدِ فِي الْجَمَاعَاتِ: وَبُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا: هُوَ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إنَّ صَلاَةَ الْجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاَةَ الْمُنْفَرِدِ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً. وَهَذَا عُمُومٌ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُخَصَّ مِنْهُ النِّسَاءُ مِنْ غَيْرِهِنَّ -: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ أَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَا يُونُسُ، هُوَ ابْنُ يَزِيدَ عن ابْنِ شِهَابٍ أَنَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لاَ تَمْنَعُوا نِسَاءَكُمْ الْمَسَاجِدَ إذَا اسْتَأْذَنَّكُمْ إلَيْهَا. فَقَالَ بِلاَلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: وَاَللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ فَسَبَّهُ سَبًّا سَيِّئًا، مَا سَمِعْته سَبَّهُ مِثْلَهُ قَطُّ قَالَ: أُخْبِرُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقُولُ: وَاَللَّهِ لَنَمْنَعُهُنَّ وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ كِلاَهُمَا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ سَمِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا اسْتَأْذَنَتْ أَحَدَكُمْ امْرَأَتُهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَلاَ يَمْنَعْهَا. وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حدثنا أَبِي، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إدْرِيسَ قَالاَ: حدثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ. وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حدثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ مُجَاهِدٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَمْنَعُوا النِّسَاءَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الْمَسَاجِدِ بِاللَّيْلِ. وبه إلى مُسْلِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلاَنَ، حدثنا بُكَيْر بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَشَجِّ عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا شَهِدَتْ إحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلاَ تَمَسَّ طِيبًا. حدثنا حمام، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَيْمَنَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ وَضَّاحٍ، حدثنا حَامِدٌ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، حدثنا سُفْيَانُ، هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ تَمْنَعُوا إمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلاَ يَخْرُجْنَ إلاَّ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ. قال علي: وهذا نَفْسُ قَوْلِنَا، فَإِذَا خَرَجْنَ مُتَزَيِّنَاتٍ أَوْ مُتَطَيِّبَاتٍ فَهُنَّ عَاصِيَاتٌ لِلَّهِ تَعَالَى، خَارِجَاتٌ بِخِلاَفِ مَا أُمِرْنَ، فَلاَ يَحِلُّ إرْسَالُهُنَّ حِينَئِذٍ أَصْلاً. وَالآثَارُ فِي حُضُورِ النِّسَاءِ صَلاَةَ الْجَمَاعَةِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَاتِرَةٌ فِي غَايَةِ الصِّحَّةِ، لاَ يُنْكِرُ ذَلِكَ إلاَّ جَاهِلٌ: كَحَدِيثِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٌ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ. وَحَدِيثِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: لَقَدْ رَأَيْتُ الرِّجَالَ عَاقِدِي أُزُرِهِمْ فِي أَعْنَاقِهِمْ مِنْ ضِيقِ الآُزُرِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَائِلٌ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، لاَ تَرْفَعْنَ رُءُوسَكُنَّ حَتَّى يَرْفَعَ الرِّجَالُ. وَقَوْلِهِ عليه السلام: إنِّي لاََدْخُلُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي خَشْيَةَ أَنْ تُفْتَنَ أُمُّهُ. وَالْخَبَرِ الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ الْمُقَدَّمُ، وَشَرُّهَا الْمُؤَخَّرُ وَشَرُّ صُفُوفِ النِّسَاءِ الْمُقَدَّمُ، وَخَيْرُهَا الْمُؤَخَّرُ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، إذَا سَجَدَ الرِّجَالُ فَاغْضُضْنَ أَبْصَارَكُنَّ، لاَ تَرَيْنَ عَوْرَاتِ الرِّجَالِ مِنْ ضِيقِ الآُزُرِ وَحَدِيثِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوْ تَرَكْنَا هَذَا الْبَابَ لِلنِّسَاءِ فَمَا دَخَلَ مِنْ ذَلِكَ الْبَابِ ابْنُ عُمَرَ حَتَّى مَاتَ. وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَانَ يَنْهَى أَنْ يُدْخَلَ مِنْ بَابِ النِّسَاءِ وَحَدِيثِ أَسْمَاءَ فِي صَلاَةِ الْكُسُوفِ، وَأَنَّهَا صَلَّتْ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ النِّسَاءِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَمَا كَانَ عليه السلام لِيَدَعَهُنَّ يَتَكَلَّفْنَ الْخُرُوجَ فِي اللَّيْلِ وَالْغَلَسِ يَحْمِلْنَ صِغَارَهُنَّ وَيُفْرِدَ لَهُنَّ بَابًا وَيَأْمُرَ بِخُرُوجِ الأَبْكَارِ وَغَيْرِ الأَبْكَارِ وَمَنْ لاَ جِلْبَابَ لَهَا فَتَسْتَعِيرُ جِلْبَابًا إلَى الْمُصَلَّى، فَيَتْرُكُهُنَّ يَتَكَلَّفْنَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَحُطُّ أُجُورَهُنَّ، وَيَكُونُ الْفَضْلُ لَهُنَّ فِي تَرْكِهِ، هَذَا لاَ يَظُنُّهُ بِنَاصِحٍ لِلْمُسْلِمِينَ إلاَّ عَدِيمُ عَقْلٍ، فَكَيْفَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حدثنا جَرِيرٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبّ الْكَعْبَة: أَنَّهُ سَمِعَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرِو بْن العاص قَالَ: اجْتَمَعْنَا إلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إلاَّ كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ. قَالَ عَلِيٌّ: وَاحْتَجَّ مَنْ خَالَفَ الْحَقَّ فِي هَذَا بِخَبَرٍ مَوْضُوعٍ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ الْمُنْذِرِ الأَنْصَارِيِّ عَنْ عَمَّتِهِ أَوْ جَدَّتِهِ أُمِّ حُمَيْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّ صَلاَتَكِ فِي بَيْتِكِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِكِ مَعِي. قَالَ عَلِيٌّ: عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ الْمُنْذِرِ مَجْهُولٌ لاَ يَدْرِيهِ أَحَدٌ. وَذَكَرُوا أَيْضًا مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، مِنْ قَوْلِهَا: لَوْ أَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ مِنْ الْخُرُوجِ كَمَا مَنَعَهُ نِسَاءَ بَنِي إسْرَائِيلَ وَهَذَا لاَ حُجَّةَ فِيهِ لِوُجُوهٍ ثَمَانِيَةٍ: أَوَّلُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَاعِثُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ مُوجِبٌ دِينَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الْمُوحِي إلَيْهِ بِأَنْ لاَ يَمْنَعَ النِّسَاءَ حَرَائِرَهُنَّ وَإِمَاءَهُنَّ، ذَوَاتِ الأَزْوَاجِ وَغَيْرَهُنَّ مِنْ الْمَسَاجِدِ لَيْلاً وَنَهَارًا قَدْ عَلِمَ مَا يُحْدِثُ النِّسَاءُ، فَلَمْ يُحْدِثْ تَعَالَى لِذَلِكَ مَنْعًا لَهُنَّ، وَلاَ قَالَ لَهُ: إذَا أَحْدَثْنَ فَامْنَعُوهُنَّ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ عليه السلام، لَوْ صَحَّ أَنَّهُ لَوْ أَدْرَكَ أَحْدَاثَهُنَّ لَمَنَعَهُنَّ لَمَا كَانَ ذَلِكَ مُبِيحًا مَنَعَهُنَّ، لاَِنَّهُ عليه السلام لَمْ يُدْرِكْ فَلَمْ يَمْنَعْ، فَلاَ يَحِلُّ الْمَنْعُ، إذْ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ عليه السلام وَالثَّالِثُ: أَنَّ مِنْ الْكَبَائِرِ نَسْخُ شَرِيعَةٍ مَاتَ عليه السلام وَلَمْ يَنْسَخْهَا، بَلْ هُوَ كُفْرٌ مُجَرَّدٌ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ لاَ حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ بَعْدَهُ عليه السلام وَالْخَامِسُ: أَنَّ عَائِشَةَ، رضي الله عنها، لَمْ تَقُلْ: إنَّ مَنَعَهُنَّ لَكُمْ مُبَاحٌ، بَلْ مَنَعَتْ مِنْهُ وَإِنَّمَا أَخْبَرَتْ ظَنًّا مِنْهَا بِأَمْرٍ لَمْ يَكُنْ، وَلاَ تَمَّ، فَهُمْ مُخَالِفُونَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَالسَّادِسُ: أَنَّهُ لاَ حَدَثَ مِنْهُنَّ أَعْظَمُ مِنْ الزِّنَى، وَقَدْ كَانَ فِيهِنَّ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ نَهَاهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى: عَنْ التَّبَرُّجِ، وَأَنْ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ، وَأَنْذَرَ عليه السلام بِنِسَاءٍ كَاسِيَاتٍ عَارِيَّاتٍ مَائِلاَتٍ مُمِيلاَتٍ رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ لاَ يَرِحْنَ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَعَلِمَ أَنَّهُنَّ سَيَكُنَّ بَعْدَهُ، فَمَا مَنَعَهُنَّ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَالسَّابِعُ: أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ عِقَابُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ مِنْ أَجْلِ مَنْ أَحْدَثَ، فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُمْنَعَ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ مِنْ أَجْلِ مَنْ أَحْدَثَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: وَالثَّامِنُ: أَنَّهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ مَنْعُهُنَّ مِنْ التَّزَاوُرِ، وَمِنْ الصَّفْقِ فِي الأَسْوَاقِ، وَالْخُرُوجِ فِي حَاجَاتِهِنَّ، وَلَيْسَ فِي الضَّلاَلِ وَالْبَاطِلِ أَكْثَرُ مِنْ إطْلاَقِهِنَّ عَلَى كُلِّ ذَلِكَ وَقَدْ أَحْدَثَ مِنْهُنَّ مَنْ أَحْدَثَ، وَتُخَصُّ صَلاَتُهُنَّ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الأَعْمَالِ بَعْدَ التَّوْحِيدِ بِالْمَنْعِ، حَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا، وَمَا نَدْرِي كَيْفَ يَنْطَلِقُ لِسَانُ مَنْ يَعْقِلُ بِالاِحْتِجَاجِ بِمِثْلِ هَذَا فِي خِلاَفِ السُّنَنِ الثَّابِتَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَالصَّحِيحُ مِنْ هَذَا هُوَ مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيَّ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حدثنا هَمَّامٌ، هُوَ ابْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيّ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: صَلاَةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي حُجْرَتِهَا، وَصَلاَتُهَا فِي مَسْجِدِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا. وَرُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ بِلَفْظٍ آخَرَ كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ، حدثنا عَبَّاسُ بْنُ أَصْبَغَ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ السَّلاَمِ الْخُشَنِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلاَبِيُّ، حدثنا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ مُوَرِّقٍ الْعِجْلِيّ عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنَّمَا الْمَرْأَةُ عَوْرَةٌ فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وَأَقْرَبُ مَا تَكُونُ مِنْ وَجْهِ رَبِّهَا وَهِيَ فِي قَعْرِ بَيْتِهَا صَلاَةُ الْمَرْأَةِ فِي مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي بَيْتِهَا، وَصَلاَتُهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي حُجْرَتِهَا قَالَ عَلِيٌّ: هَكَذَا بِذِكْرِ الْمَخْدَعِ لَيْسَ فِيهِ لِلْمَسْجِدِ ذِكْرٌ أَصْلاً، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فِيهِ أَنَّ صَلاَتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِهَا فِي مَسْجِدِهَا وَهَذَا لاَ يُوجَدُ أَبَدًا مِنْ طَرِيقٍ فِيهَا خَيْرٌ لَمَا كَانَتْ فِيهِ حُجَّةٌ، لاَِنَّهُ كَانَ يَكُونُ مَنْسُوخًا بِلاَ شَكٍّ، بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ تَرْكِهِ عليه السلام لَهُنَّ يَتَكَلَّفْنَ التَّكَلُّفَ فِي الْغَبَشِ، رَاغِبَاتٍ فِي الصَّلاَةِ فِي الْجَمَاعَةِ مَعَهُ إلَى أَنْ مَاتَ عليه السلام، فَهَذَا آخِرُ الأَمْرِ بِلاَ شَكٍّ. قَالَ عَلِيٌّ: مَسْجِدُهَا هَهُنَا هُوَ مَسْجِدُ مَحَلَّتِهَا وَمَسْجِدُ قَوْمِهَا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ أَنَّهُ مَسْجِدُ بَيْتِهَا، إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكَانَ عليه السلام قَائِلاً: صَلاَتُك فِي بَيْتِك أَفْضَلُ مِنْ صَلاَتِك فِي بَيْتِك، وَهَذِهِ لُكْنَةٌ وَعِيٌّ، حَرَامٌ أَنْ يُنْسَبَا إلَيْهِ عليه السلام وَبِقَوْلِنَا: قَالَ الأَئِمَّةُ: رُوِّينَا عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَتْ تَحْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَانَتْ تَشْهَدُ الصَّلاَةَ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ لَهَا: وَاَللَّهِ إنَّك لَتَعْلَمِينَ مَا أُحِبُّ هَذَا، فَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لاَ أَنْتَهِي حَتَّى تَنْهَانِي، فَقَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي لاَ أَنْهَاك قَالَ: فَلَقَدْ طُعِنَ عُمَرُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَفِي الْمَسْجِدِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَلَوْ رَأَى عُمَرُ صَلاَتَهَا فِي بَيْتِهَا أَفْضَلَ لَكَانَ أَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَجْبُرَهَا بِذَلِكَ وَيَقُولَ لَهَا: إنَّك تَدَعِينَ الأَفْضَلَ وَتَخْتَارِينَ الأَدْنَى، لاَ سِيَّمَا مَعَ أَنِّي لاَ أُحِبُّ لَك ذَلِكَ، فَمَا فَعَلَ، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى إخْبَارِهَا بِهَوَاهُ الَّذِي لاَ يَقْدِرُ عَلَى صَرْفِهِ، وَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ تَخْتَارَ وَهِيَ صَاحِبَةٌ، وَيَدَعَهَا هُوَ أَنْ تَتَكَلَّفَ إسْخَاطَ زَوْجِهَا فِيمَا غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ فَصَحَّ أَنَّهُمَا رَأَيَا الْفَضْلَ الْعَظِيمَ الَّذِي يَسْقُطُ فِيهِ مُوَافَقَةُ رِضَا الزَّوْجِ، وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَصَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُرُوجِهَا إلَى الْمَسْجِدِ فِي الْغَلَسِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الْوُضُوحِ لِمَنْ عَقَلَ. وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَمَرَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ أَنْ يَؤُمَّ النِّسَاءَ فِي مُؤَخَّرِ الْمَسْجِدِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. وَمِنْ طَرِيقِ عَرْفَجَةَ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقِيَامِ فِي رَمَضَانَ، فَيَجْعَلُ لِلرِّجَالِ إمَامًا، وَلِلنِّسَاءِ إمَامًا، قَالَ عَرْفَجَةُ: فَأَمَرَنِي فَأَمَمْت النِّسَاءَ مَعَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ شِدَّةِ غَضَبِ ابْنُ عُمَرَ عَلَى ابْنِهِ إذْ قَالَ: إنَّهُ يَمْنَعُ النِّسَاءَ مِنْ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلاَةِ فَهَؤُلاَءِ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ عَلَى هَذَا عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ فِي أَقْطَارِ الأَرْضِ جِيلاً بَعْدَ جِيلٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ. وَمِنْ الْعُذْرِ لِلرِّجَالِ فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ: الْمَرَضُ، وَالْخَوْفُ، وَالْمَطَرُ، وَالْبَرْدُ، وَخَوْفُ ضَيَاعِ الْمَالِ، وَحُضُورُ الأَكْلِ، وَخَوْفُ ضَيَاعِ الْمَرِيضِ، أَوْ الْمَيِّتِ، وَتَطْوِيلُ الإِمَامِ حَتَّى يَضُرَّ بِمَنْ خَلْفَهُ، وَأَكْلُ الثُّومِ، أَوْ الْبَصَلِ، أَوْ الْكُرَّاثِ مَا دَامَتْ الرَّائِحَةُ بَاقِيَةً، وَيُمْنَعُ آكِلُوهَا مِنْ حُضُورِ الْمَسْجِدِ، وَيُؤْمَرُ بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْهُ، وَلاَ بُدَّ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ الْمَسَاجِدِ أَحَدٌ غَيْرُ هَؤُلاَءِ، لاَ مَجْذُومٌ، وَلاَ أَبْخَرُ، وَلاَ ذُو عَاهَةٍ، وَلاَ امْرَأَةٌ بِصَغِيرٍ مَعَهَا فأما الْمَرَضُ وَالْخَوْفُ فَلاَ خِلاَفَ فِي ذَلِكَ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وقوله تعالى: وَقَالَ تَعَالَى: وَكَذَلِكَ إضَاعَةُ الْمَالِ، وَنَهَى عليه السلام عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حدثنا حَاتِمٌ، هُوَ ابْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ مُجَاهِدٍ أَبِي حَزْرَةَ عن ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ أَنَّهُ شَهِدَ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ، وَلاَ وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عن ابْنِ جُرَيْجٍ، حدثنا عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، قَالَ أَوَّلَ يَوْمٍ: الثُّومِ، ثُمَّ قَالَ: الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ فَلاَ يَقْرَبْنَا فِي مَسَاجِدِنَا، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الإِنْسُ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ، حدثنا هِشَامٌ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ، حدثنا قَتَادَةُ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ: " إنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَأْكُلُونَ مِنْ شَجَرَتَيْنِ مَا أُرَاهُمَا إلاَّ خَبِيثَتَيْنِ: هَذَا الْبَصَلُ، وَالثُّومُ، لَقَدْ رَأَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا وَجَدَ رِيحَهُمَا مِنْ الرَّجُلِ أَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ إلَى الْبَقِيعِ: وَلاَ يَخْرُجُ غَيْرُ هَؤُلاَءِ، لاَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ مَنْعَ أَحَدٍ غَيْرِهِمْ مِنْ الْمَسَاجِدِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًا فَإِنْ ذَكَرَ ذَاكِرٌ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ عَدْوَى، وَلاَ طِيَرَةَ، وَفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الأَسَدِ فَإِنَّ مَعْنَاهُ كَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَيْضًا: فَلَوْ كَانَ عَلَى مَعْنَى الْفِرَارِ لَكَانَ الأَمْرُ بِهِ عُمُومًا، فَوُجُوبُ أَنْ تَفِرَّ مِنْهُ امْرَأَتُهُ وَوَلَدُهُ وَكُلُّ أَحَدٍ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا وَجَهْدًا، وَلَوَجَبَ أَنْ تُقْفَلَ الأَزِقَّةُ أَمَامَهُ، كَمَا يُفْعَلُ بِالأَسَدِ وَهَذَا بَاطِلٌ بِيَقِينٍ، وَمَا يَشُكُّ أَحَدٌ أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي عَصْرِهِ عليه السلام مَجْذُومُونَ فَمَا فَرَّ عَنْهُمْ أَحَدٌ. فَصَحَّ أَنَّ مُرَادَهُ عليه السلام مَا ذَكَرْنَاهُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَلْخِيُّ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عن ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي مَحْمُودُ بْنُ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيُّ أَنَّ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنْ الأَنْصَارِ أَتَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْكَرْتُ بَصَرِي، وَأَنَا أُصَلِّي لِقَوْمِي، فَإِذَا كَانَتْ الأَمْطَارُ سَالَ الْوَادِي الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ وَوَدِدْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّكَ تَأْتِينِي فَتُصَلِّي فِي بَيْتِي فَأَتَّخِذُهُ مُصَلًّى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَأَفْعَلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ. قَالَ عِتْبَانُ: فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وبه إلى الْبُخَارِيِّ: حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ: أَذِنَ ابْنُ عُمَرَ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ بِضَجِنَانَ ثُمَّ قَالَ: أَلاَّ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ، فَأَخْبَرَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى إثْرِهِ: أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَال.ِ حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ أَبِيهِ هُوَ أُسَامَةُ بْنُ عُمَيْرٍ الْهُذَلِيُّ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَمُطِرْنَا مَطَرًا فَلَمْ تَبُلَّ السَّمَاءُ أَسْفَلَ نِعَالِنَا، فَنَادَى مُنَادِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنْ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ. وبه إلى عَبْدِ الرَّزَّاقِ: حدثنا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ قَالَ أَذَّنَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فِيهَا بَرْدٌ، وَأَنَا تَحْتَ اللِّحَافِ فَتَمَنَّيْتُ أَنْ يُلْقِيَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِهِ، وَلاَ حَرَجَ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: وَلاَ حَرَجَ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا إسْمَاعِيلُ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ، حدثنا عَبْدُ الْحَمِيدِ صَاحِبُ الزِّيَادِيِّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ ابْنُ عَمِّ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ: إذَا قُلْت " أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " فَلاَ تَقُلْ " حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ " قُلْ " صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ " وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَدْ فَعَلَ هَذَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، إنَّ الْجُمُعَةَ عَزْمَةٌ، وَإِنِّي كَرِهْت أَنْ أُحْرِجَكُمْ فَتَمْشُونَ فِي الطِّينِ وَالْمَطَرِ. حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّمَرِيُّ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الأَزْدِيُّ الْقَاضِي، حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْعُقَيْلِيُّ، حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ الأَنْصَارِيُّ، حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حدثنا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سَعِيدٍ، هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى ابْنِ سَمُرَةَ قَالَ: مَرَرْت بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ وَهُوَ عَلَى بَابِهِ جَالِسٌ، فَقَالَ: مَا خَطْبُ أَمِيرِكُمْ قُلْت: أَمَا جَمَعْت مَعَنَا قَالَ: مَنَعَنَا هَذَا الرَّدْغُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا ابْنُ عُمَرَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ يَتْرُكُونَ الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا لِلطِّينِ، وَيَأْمُرُونَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ: أَلاَ صَلُّوا فِي الرِّحَالِ، وَلاَ نَعْرِفُ لَهُمْ مُخَالِفًا مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله تعالى عنهم وَأَمَّا التَّطْوِيلُ فَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ مُعَاذٍ وَاَلَّذِي خَرَجَ عَنْ إمَامَتِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ عَلَى الْخَارِجِ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا يَحْيَى، حدثنا هُشَيْمٌ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إنِّي لاََتَأَخَّرُ عَنْ صَلاَةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلاَنٍ، مِمَّا يُطِيلُ بِنَا، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ، فَقَالَ يَوْمَئِذٍ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ، فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ، فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الْحَاجَةِ. فَلَمْ يُنْكِرْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأَخُّرَهُ عَنْ صَلاَةِ الْفَرِيضَةِ مِنْ أَجْلِ إطَالَةِ الإِمَامِ وَأَمَّا الْمَجْذُومُ، وَالأَبْخَرُ، وَآكِلُ الْفُجْلَ وَغَيْرُهُمْ: فَلَوْ جَازَ مَنْعُهُمْ الْمَسْجِدَ لَمَا أَغْفَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًا. وَالأَفْضَلُ أَنْ يَؤُمَّ الْجَمَاعَةَ فِي الصَّلاَةِ أَقْرَؤُهُمْ لِلْقُرْآنِ وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ فَضْلاً. فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْقِرَاءَةِ فَأَفْقَهُهُمْ. فَإِنْ اسْتَوَوْا فِي الْفِقْهِ وَالْقِرَاءَةِ فَأَقْدَمُهُمْ صَلاَحًا فَإِنْ حَضَرَ السُّلْطَانُ الْوَاجِبَةُ طَاعَتُهُ أَوْ أَمِيرُهُ عَلَى الصَّلاَةِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالصَّلاَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَإِنْ كَانُوا فِي مَنْزِلِ إنْسَانٍ فَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ أَحَقُّ بِالإِمَامَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ إلاَّ مِنْ السُّلْطَانِ. وَإِنْ اسْتَوَوْا فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا فَأَسَنُّهُمْ فَإِنْ أَمَّ أَحَدٌ بِخِلاَفِ مَا ذَكَرْنَا أَجْزَأَ ذَلِكَ، إلاَّ مَنْ تَقَدَّمَ بِغَيْرِ أَمْرِ السُّلْطَانِ عَلَى السُّلْطَانِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ عَلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ، فَلاَ يُجْزِئُ هَذَيْنِ، وَلاَ تُجْزِئُهُمْ. وَقَدْ ذَكَرْنَا حَدِيثَ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا وَكَانَا فِي الْقِرَاءَةِ وَالْفِقْهِ وَالْهِجْرَةِ سَوَاءً حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حدثنا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْقَطَّانُ، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إذَا كَانُوا ثَلاَثَةً فَلْيَؤُمَّهُمْ أَحَدُهُمْ، وَأَحَقُّهُمْ بِالإِمَامَةِ أَقْرَؤُهُمْ. وَرُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبه إلى مُسْلِمٍ: حدثنا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى. قَالَ الأَشَجُّ: عَنْ أَبِي خَالِدٍ الأَحْمَرِ عَنْ الأَعْمَشِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ. ثُمَّ اتَّفَقَ شُعْبَةُ وَالأَعْمَشُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ عَنْ أَوْسِ بْنِ ضَمْعَجٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ شُعْبَةُ: سَمِعْت أَوْسَ بْنَ ضَمْعَجٍ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا مَسْعُودٍ هُوَ الْبَدْرِيُّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا، وَلاَ يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلاَ يَقْعُدُ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إلاَّ بِإِذْنِهِ. قَالَ عَلِيٌّ: وَقَدْ فَسَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْهِجْرَةَ الْبَاقِيَةَ أَبَدًا كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا آدَم، حدثنا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ. قَالَ عَلِيٌّ: وقال مالك: يَؤُمُّ الأَفْضَلُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ قِرَاءَةً وَهَذَا خَطَأٌ، لاَِنَّهُ خِلاَفُ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حدثنا حمام، حدثنا ابْنُ مُفَرِّجٍ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا الدَّبَرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عن ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَا نَافِعٌ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ " كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأَنْصَارُ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ، فِيهِمْ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَبُو سَلَمَةَ وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ ". قَالَ عَلِيٌّ: وَحَدَّثَنَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ، حدثنا الْفَرَبْرِيُّ، حدثنا الْبُخَارِيُّ، حدثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حدثنا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قَالَ " لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ الْعُصَبَةَ مَوْضِعًا بِقُبَاءَ قَبْلَ مَقْدِمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ سَالِمُ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَكَانَ أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا ". قَالَ عَلِيٌّ: فَهَذَا فِعْلُ الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، بِعِلْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلاَ مُخَالِفَ لَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ. فإن قيل: إنَّ عُمَرَ قَدَّمَ صُهَيْبًا قلنا: نَعَمْ، وَصَارَ صُهَيْبٌ أَمِيرًا مُسْتَخْلَفًا مِنْ قِبَلِ الإِمَامِ، فَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ يَوْمَئِذٍ لاَِنَّهُ سُلْطَانٌ. قَالَ عَلِيٌّ: وَرُوِّينَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذَا كَانُوا ثَلاَثَةً فِي سَفَرٍ فَلْيَؤُمَّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا، فَإِذَا أَمَّهُمْ فَهُوَ أَمِيرُهُمْ. وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَذَاكَ أَمِيرٌ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا أَجَزْنَا إمَامَةَ مَنْ أَمَّ بِخِلاَفِ ذَلِكَ: لِمَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حدثنا بَكْرُ بْنُ عِيسَى قَالَ سَمِعْت شُعْبَةَ يَذْكُرُ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ صَلَّى لِلنَّاسِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّفِّ. وبه إلى أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حدثنا إسْمَاعِيلُ، هُوَ ابْنُ عُلَيَّةَ، حدثنا حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ آخِرُ صَلاَةٍ صَلاَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْقَوْمِ: صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ فَتْحٍ، حدثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عِيسَى، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ، حدثنا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَحُسْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ عَنْ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِيهِ قَالَ فَأَقْبَلْتُ مَعَهُ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نَجِدَ النَّاسَ قَدْ قَدَّمُوا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى لَهُمْ، فَأَدْرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إحْدَى الرَّكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى عليه السلام مَعَ النَّاسِ الرَّكْعَةَ الآخِرَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتِمُّ صَلاَتَهُ فَأَفْزَعَ ذَلِكَ الْمُسْلِمِينَ، فَأَكْثَرُوا التَّسْبِيحَ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: أَحْسَنْتُمْ، أَوْ قَدْ أَصَبْتُمْ، يَغْبِطُهُمْ أَنْ صَلَّوْا الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا. وَبِهَذَا الإِسْنَادِ إلَى ابْنِ شِهَابٍ: عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ نَحْوُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَفِيهِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: أَرَدْت تَأْخِيرَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعْهُ. قَالَ عَلِيٌّ: فَبِهَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ عَلِمْنَا أَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فَأَفْقَهُهُمْ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ اسْتَوَوْا، فَأَقْدَمُهُمْ سِنًّا: نَدْبٌ لاَ فَرْضٌ؛ لاَِنَّهُ عليه السلام أَقْرَأُ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَفْقَهُ مِنْهُمَا، وَأَقْدَمُ هِجْرَةً، إلَى اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمَا وَأَسَنُّ مِنْهُمَا وَبِهَذَيْنِ الأَثَرَيْنِ جَازَتْ الصَّلاَةُ خَلْفَ كُلِّ مُسْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ فِي غَايَةِ النُّقْصَانِ، لاَِنَّهُ لاَ مُسْلِمَ إلاَّ وَنِسْبَتُهُ فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ إلَى أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَقْرَبُ مِنْ نِسْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَهُمَا مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ رضي الله عنهما فِي الْفَضْلِ وَالدِّينِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ هَذَا بِدَلِيلِهِ وَلَمْ نَجِدْ فِي التَّقَدُّمِ عَلَى السُّلْطَانِ وَعَلَى صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَثَرًا يُخْرِجُهُمَا عَنْ الْوُجُوبِ إلَى النَّدْبِ، فَبَقِيَ عَلَى الْوُجُوبِ. بَلْ وَجَدْنَا مَا يَشُدُّ وُجُوبَ ذَلِكَ: كَمَا حَدَّثَنَا عبد الله بن ربيع، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ السُّلَيْمِ، حدثنا ابْنُ الأَعْرَابِيِّ، حدثنا أَبُو دَاوُد، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْلِيُّ، حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ قَالَ: لَمَّا اسْتَعَزَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي نَفَرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَعَاهُ بِلاَلٌ إلَى الصَّلاَةِ، فَقَالَ: مُرُوا مَنْ يُصَلِّي بِالنَّاسِ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ فَإِذَا عُمَرُ فِي النَّاسِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ غَائِبًا، فَقَالَ: قُمْ يَا عُمَرُ فَصَلِّ بِالنَّاسِ، فَتَقَدَّمَ وَكَبَّرَ، فَلَمَّا سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ وَكَانَ عُمَرُ رَجُلاً مُجْهِرًا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَيْنَ أَبُو بَكْرٍ يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُسْلِمُونَ، فَبَعَثَ إلَى أَبِي بَكْرٍ فَجَاءَ بَعْدَ أَنْ صَلَّى عُمَرُ تِلْكَ الصَّلاَةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ. حدثنا عبد الله بن ربيع، حدثنا عَبْدُ اللَّهَ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ، حدثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ، حدثنا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حدثنا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ، حدثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، حدثنا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدَ قَالَ: تَزَوَّجْت امْرَأَةً فَكَانَ عِنْدِي لَيْلَةَ زِفَافِ امْرَأَتِي نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا حَضَرَتْ الصَّلاَةُ أَرَادَ أَبُو ذَرٍّ أَنْ يَتَقَدَّمَ فَيُصَلِّيَ، فَجَذَبَهُ حُذَيْفَةُ وَقَالَ: رَبُّ الْبَيْتِ أَحَقُّ بِالصَّلاَةِ، فَقَالَ لاِبْنِ مَسْعُودٍ: أَكَذَلِكَ قَالَ: نَعَمْ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَتَقَدَّمْت فَصَلَّيْت بِهِمْ وَأَنَا يَوْمَئِذٍ عَبْدٌ وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ فِي الْقَوْمِ يَتَنَازَلُونَ فِيهِمْ الْقُرَشِيُّ وَالْعَرَبِيُّ وَالْمَوْلَى وَالأَعْرَابِيُّ وَالْعَبْدُ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ فُسْطَاطٌ، فَانْطَلَقَ أَحَدُهُمْ إلَى فُسْطَاطِ أَحَدِهِمْ فَحَانَتْ الصَّلاَةُ، قَالَ: صَاحِبُ الرَّحْلِ يَؤُمُّهُمْ هُوَ، حَقُّهُ يُعْطِيه مَنْ يَشَاءُ.
|